• الأحد 22 نوفمبر 2020 - 13:32
  • 8600

استشاري التنمية وبناء القدرات

 

حتى الان لم تقدم الانسانية فى العصر الحديث نموذجا حقيقيا متكاملا للتنمية، يحقق اسعاد البشرية وسلامتها وجودة حياتها ،فجميع ما نراه امام اعيننا من نماذج و اطروحات لتنظيم حياة البشر والارتقاء به ترتكز في الأساس علي الجانب المادي للحياة ، ما يعزز الصراع بين البشر من أجل البقاء، و لم تحقق بشكل جذري حقيقي لما يسعي إليه الإنسان من تحقيقه من السلم والاكتفاء النفسي والارتقاء.

 

وبنظرة منصفة متعمقة والبحث فيما حققته تلك النماذج  التنموية والتي تبناها الإنسان في العصر الحديث ،نجد انها صنعت للانسان عدد من المتاهات المادية وعملت علي تعطيل تاثير الجوانب الروحانية والقيمية الاخلاقية في حياته اليومية فزادت من شقاءه و تعاسة ، فنتيجة لتمدد الجانب المادي في جميع جوانب حياته اليومية وانعكاس ذلك علي فكره  وشعوره ،غرق الإنسان في مستنقع المادية باحثا عن الارتقاء وجودة الحياه ،فكانت النتيجه الانحطاط و الانزواء وفقده  تواصله مع مكوناته التي هي سر خلقة ،وبالتالي مع باقي الكون وهو أكرم ما خلق فيه.

 

فتلك النماذج الحديثة قائمة علي تلبية وتغذية شهوات النفس وعلائها و هو سمة انسان العصر الحديث، ما ادي الي نمو غروره وتكبره وانانية ، وكان ذلك أحد أهم العوامل التي تمنع وتحد من ارتقاءة الحقيقي وجودة حياته ،ومازال الانسان في هذا العصر يبحث بداخله عن سر خلقه والسبيل للارتقاء وتحقيق السعادة داخل تلك المتاهات المادية ، وعلاج ما خلفته تلك النماذج التنموية المشوه، والتي تم تسويقها للبشرية عبر سنوات حتي يخرجوا عن طريق الارتقاء والتواصل .

 

ما نشاهده و نعايشة علي مستوي الأحداث اليومية لحياة الشعوب ،وما يحاك لها من مؤامرات اقتصادية وسياسية بالإضافة إلي تشوه المنطلقات الفكرية للحركات الاجتماعية والتيارات العلمية والثقافية بل والسياسية ،تؤكد أننا داخل متاهه يتخبط بها الإنسان وأنه قد فقد بوصلة التوجه والانضباط الالهي التي فطر الله عيها الانسان.

 

فالعديد من المفكرين والباحثين، قد أشار بان انسان العصر الحديث قد تخلف وخسر كثيرا عما حققه فيما مضى من عقود من ارتقاء  رغم التقدم التكنولوجى والتقني الهائل الذي حققه، فقد حققت النماذج التنموية للحضارات السابقة واخرها الحضارة الاسلامية العديد عما يبحث عنه انسان ذلك العصر  ،برغم ما قد يوجه لتلك النماذج من نقد جزئي لبعض الجوانب، لانه وبشكلا عام كانت تلك الحضارات تتوافق مع سر خلق الانسان وتكوينه المتعدد الأبعاد وتعمل علي إحداث توازن بينهم، فنجد أن سلوكه وحياته اليومية تتوافق و تنسجم مع مكنونه بل أيضا مع قوانين الكون ككل .

 

فقد تميزت علي سبيل المثال الحضارة الإسلامية بالشمول والتكامل وربط كينونة الانسان بأبعادها المختلفة بالكون وخالقه، حتي يتوافق معا ويعمل معا واحداث التوازن فيما بينها  ( النفس والروح والجسد)  فلكل من تلك الابعاد احتياجاتها ومتطلباتها وبتكاملها يرتقي الإنسان ويصنع بخطواته مسارات التقدم وجوده الحياة الحقيقية وليست الزائفة.

 

وهو ما تفتقده كل تلك النماذج التنموية الحديثة ،وسيظل انسان ذلك العصر هكذا داخل تلك المتاهه يتصارع ويتخبط خاضعا لشهوات النفس مصاب بالغرور  والكبر ويقبع فى ظلمات تلك المتاهه تتلاعب به شياطين النفس يحيا في تعاسة و شقاء حتى يصل الى قناعة انه يجب ان  يتوقف عن ان يعبد ويسجد لنفسه .

مواضيع مرتبطة

التعليقات